فيلم “ماريا“، الذي يجمع بين نجوم هوليوود وأنظار العالم، كان واحدًا من أكثر الأعمال السينمائية المنتظرة لعام 2025. لكن، رغم وجود أنجلينا جولي وهالوك بيلجينر في الأدوار الرئيسية، لم ينجح الفيلم في جذب الانتباه كما كان متوقعًا.
الفيلم الذي يحكي قصة حياة ماريا كالاس
الأسطورة التي يعتبرها العديد من محبي الأوبرا أعظم مغنية في التاريخ، خرج إلى النور وسط آمال كبيرة، لكن سرعان ما خاب ظن الجمهور والنقاد على حد سواء. فهل كان الفشل نتيجة لعدم قدرته على التأثير في الحاضر، أم أن له علاقة بمشكلات فنية أعمق؟ وفيما يلي نكشف لكم كل التفاصيل الدقيقة حول كواليس هذا الفيلم، والإنتاج، والنجوم الذين لعبوا أدوارًا رئيسية، بالإضافة إلى أسرارهم الخاصة التي لا يعرفها أحد.
القصة وراء الفيلم: كيف بدأ هذا المشروع؟
منذ أول لحظة تم الإعلان عن المشروع، كان الجميع في انتظار فيلم يتناول حياة ماريا كالاس، والتي تعتبر من أهم الشخصيات الفنية في القرن العشرين. المخرج التشيلي بابلو لارين، الذي سبق له تقديم أعمال سيرة ذاتية شهيرة مثل “جاكي” و”سبنسر”، قرر أن يتخذ من حياة ماريا كالاس مادة سينمائية خصبة.
فكرة الفيلم تركز على السنوات الأخيرة من حياة كالاس، حيث فقدت جزءًا كبيرًا من صوتها بسبب العمر، ورغم ذلك كانت لا تزال تطمح إلى إحياء نفسها فنيًا. المخرج بابلو لارين، المعروف بميله لابتكار أسلوب سردي غير تقليدي، قرر ألا يعرض القصة بالطريقة المعتادة المتسلسلة، بل فضل تقديمها بنمط شعري، يمزج بين الواقع والخيال ليعرض حالة ماريا الإنسانية والعاطفية.
أنجلينا جولي: الدور الأكثر تحديًا في مسيرتها الفنية
إن أداء أنجلينا جولي في دور ماريا كالاس كان محل أنظار الجميع. جولي التي لم تبتعد كثيرًا عن الأدوار المليئة بالدراما والعواطف المعقدة، وجدت في ماريا كالاس تحديًا جديدًا. هذه المرة كان عليها أن تتعامل مع شخصية حقيقية، من الصعب إعادة إنتاج قوتها وحضورها الذي لا مثيل له على المسرح.
تفاصيل لم تكشف عنها “Angelina Jolie” أنجلينا جولي
لكن هناك تفاصيل لم يُكشف عنها من قبل حول استعداد جولي”Angelina Jolie “ لهذا الدور. في البداية، خضعت لجلسات تدريب طويلة مع مدربين صوتيين متخصصين لتعلم أسلوب الأوبرا، وبالأخص الطريقة التي كانت تستخدمها ماريا كالاس لإيصال أغانيها، بل وقامت بزيارة مراكز ومعاهد تدريب أوبرا عالمية للتعرف على تقنيات الأداء، وخصوصًا تلك التي اشتهرت بها كالاس.
لكنها لم تقتصر على التدريبات الصوتية فحسب؛ بل قامت بتغيير نمط حياتها بشكل كبير، حيث ابتعدت عن الأضواء لفترة طويلة، وكرست وقتها لدراسة كل جوانب حياة كالاس، بما في ذلك التحديات العاطفية والصراعات الشخصية التي عايشتها.
ولكن واحدة من أسرار جولي التي لم يعرفها الجمهور هو معاناتها النفسية أثناء تصوير الفيلم
فبينما كانت تقدم شخصية ماريا بكل دقة، كانت جولي تعيش أيضًا صراعًا داخليًا يشبه إلى حد بعيد صراع شخصيتها على الشاشة. فعندما تجسد ماريا كالاس، التي كانت تعاني من الوحدة والإدمان، كان ذلك يشكل تحديًا على مستوى الذاكرة العاطفية لجولي، حيث كانت قد مرّت بتجربة مشابهة في حياتها الشخصية.
هالوك بيلجينر: أرسطو أوناسيس العاشق والملياردير الذي لا يعرفه أحد
أما هالوك بيلجينر، الممثل التركي الذي بدأ مشواره في السينما في عمر مبكر، فكان دوره في “ماريا” مختلفًا عن أي شيء قد شاهده جمهور السينما من قبل. بيلجينر، الذي قدم العديد من الأدوار الجادة في السينما التركية والعالمية، قام بتجسيد شخصية أرسطو أوناسيس، الرجل الذي أسرت قلب ماريا كالاس. أوناسيس كان رجلًا قويًا وطموحًا، لكن هذه القوة كانت تأتي أيضًا مع عواطف متناقضة وهوس غير طبيعي.
واحدة من أسرار بيلجينر
كيف دخل في الشخصية بطريقة مدهشة. بيلجينر كان يقضي ساعات طويلة في دراسة أسلوب حياة أوناسيس، وعاش تجربة غريبة حيث بدأ في تبني بعض من عادات الرجل.
على سبيل المثال، في أثناء التصوير، كان بيلجينر يتحدث بصوت منخفض، ويأخذ فترات طويلة من التأمل قبل أي مشهد، حتى يشعر أنه يعيش في عالم أوناسيس.
لكن سرّ غريب عن بيلجينر هو أنه أصبح يتجاهل بعض جوانب حياته الشخصية بشكل كامل أثناء التصوير، وكان يقضي يومه بأكمله في الأماكن التي يتم فيها التصوير، وعندما كانت الكاميرات غير قيد العمل، كان يظل في حالة تأمل لا يتحدث إلا قليلاً.
الإنتاج: من باريس إلى أثينا – كيف تم تصوير فيلم ماريا؟
استغرق تصوير فيلم “ماريا” أكثر من عامين، وكانت مواقع التصوير متعددة، بين باريس، أثينا، ولندن. تم تصوير معظم المشاهد في باريس في شقق فاخرة قديمة، لتجسيد أجواء السبعينيات التي كانت تشعر بها ماريا كالاس في أيامها الأخيرة.
في أماكن مثل شقة كالاس الباريسية، كان الفريق يسعى لإبراز شعور العزلة والانكسار العاطفي الذي عاشته الشخصية. أما في أثينا، فكان يتم تصوير مشاهد تعكس ماضيها اليوناني والعلاقة الغرامية مع أرسطو أوناسيس.
فيلم “ماريا” لم يكن خاليًا من الصعوبات في الإنتاج
في البداية، كانت هناك مشاكل مع التمويل، حيث لم يكن المنتجون متأكدين من إمكانية نجاح فيلم يتناول حياة شخصية تاريخية بهذا الشكل المعقد.
كما تعرض الفيلم لانتقادات خلال مرحلة ما قبل الإنتاج بسبب طبيعة السيناريو المعقدة، حيث أن الفيلم كان يحتوي على الكثير من المواقف المتشابكة، سواء على المستوى الشخصي أو الفني.
ردود الفعل: فشل الفيلم رغم النجوم والميزانية العالية
عند إطلاق فيلم “ماريا”، كانت التوقعات كبيرة جدًا، خاصة في البلدان التي كانت تحظى فيها ماريا كالاس بشعبية كبيرة. ولكن، رغم أن أداء جولي وبيلجينر كان موضع إشادة، إلا أن ردود الفعل كانت متباينة.
في الولايات المتحدة، فشل الفيلم في جذب الجمهور، حيث لم يحقق الأرقام المتوقعة في شباك التذاكر. في تركيا، كان الوضع مشابهًا، حيث لم تحقق إيرادات الفيلم نجاحًا يذكر رغم مشاركة هالوك بيلجينر، نجم السينما التركية.
النقاد أشاروا إلى أن الفيلم كان يفتقر إلى العمق العاطفي اللازم ليصل إلى الجمهور. ورغم تصوير حياة ماريا كالاس بكل التفاصيل المعقدة، فإن الجمهور شعر بأن الفيلم كان يفتقد إلى “العنصر البشري” الحقيقي الذي يجعل الشخصية أكثر قربًا من الناس. البعض قال إن الفيلم كان “شاعريًا” لدرجة أنه افتقر إلى القدرة على جذب المشاعر الحقيقية للمشاهد.
فشل فني أم تأثر بنمط العصر؟
فيلم “ماريا” كان طموحًا، لكنه لم يكن كافيًا ليغزو شباك التذاكر أو يحقق النجاح المتوقع. على الرغم من الأداء القوي وحماس أنجلينا جولي انستقرام وهالوك بيلجينر “Haluk Bilginer”، إلا أن الفيلم لم ينجح في إحداث التأثير المتوقع.
ومع ذلك، يظل “ماريا” شاهدًا على صراع السينما الحديثة بين السرد القصصي التقليدي وميلها للتجريب الفني، بين الماضي الأسطوري والواقع المادي.
