في مثل هذا اليوم، 17 مايو، تمر الذكرى الثالثة عشرة على رحيل الفنانة وردة الجزائرية، الاسم الذي لطالما اقترن بالفن الأصيل والصوت النادر. لم تكن وردة مجرد مطربة، بل كانت سفيرة للمشاعر العربية، اختزلت في صوتها أحلام العشاق، وآلام الوطن، وتقلبات السياسة.
وردة التي وُلدت في فرنسا لأب جزائري وأم لبنانية، لم تجد بيتاً يحتوي صوتها مثلما فعلت مصر، البلد الذي تبنّى موهبتها، وصقل شخصيتها الفنية، وقدّمها للعالم العربي نجمة لا تغيب. لكن المفارقة، أن هذا البلد نفسه، وبسبب حسابات سياسية، أقصاها لفترة من الزمن، بعدما شاع الحديث عن صلاتها المفترضة بـ المشير عبد الحكيم عامر، وهي الإشاعة التي أغلقت باب القاهرة في وجهها، فأصبحت فنانة منفية، لا لذنبٍ فني، بل لذنبٍ لم تثبت صحته حتى اليوم.
لكن وردة لم تنكسر. في عام 1972، جاءها النداء من الوطن الأم – الجزائر – لتغني في عيد الاستقلال العاشر، فأجابت. غنّت لوطنها، وأجّجت المشاعر في قلوب الملايين، وعادت بعدها إلى مصر بوجهٍ أكثر صلابة، وحبٍ لا يخلو من ألم.
في كل مرحلة من حياتها، كانت وردة تعود أكثر إشراقاً. ومثلما عرفتها الجماهير صوتاً دافئاً، عرفتها الحياة امرأة قوية، ترفض أن يُحدها الإقصاء، أو يقيّدها المنع. كانت تُدرك أن صوتها رسالة، وأن جمهورها العربي، الممتد من المحيط إلى الخليج، لا ينسى بسهولة.
لكن أحد أهم محطات حياتها، وأكثرها تأثيراً على مسيرتها، كان لقاؤها بـ الملحن العبقري بليغ حمدي.
بليغ حمدي… من لحّن الحب وأهداه لوطن
من بين كل الأسماء التي تعاملت معها وردة الجزائرية، يبقى اسم بليغ حمدي محفوراً كعلامة فارقة، ليس فقط في حياتها، بل في تاريخ الموسيقى العربية ككل. لم يكن مجرد ملحن عابر، بل كان روحاً موسيقية تتنفس معها وردة، ينبض معها اللحن، ويشتعل الإحساس.
شكلت مع بليغ ثنائياً فنياً وعاطفياً استثنائياً، قيل عنه الكثير: أنه كان يُلحّن لها كما يُحبها، وأنه لم يُترجم نبضه الحقيقي على العود إلا حين غنّت هي كلماته، وأن صوته كان يتجسد في صوتها. علاقتهما لم تكن فقط قصة حب رومانسية بل كانت قصة حب موسيقي نادر، يتشابك فيها العاطفي مع الفني، والإنساني مع العبقري.
ما قدّمه بليغ لوردة الجزائرية تجاوز 150 لحناً، وهو رقمٌ ضخم لا يشير فقط إلى غزارة الإنتاج، بل إلى عمق العلاقة التي جمعت بين الصوت واللحن. كانت وردة تعرف كيف تُطلق العنان لصوتها في ألحانه، وكان هو يعرف تماماً أين تكمن مناطق قوتها، وأين تختبئ لحظات ضعفها، فيستخرجها ويحوّلها إلى لحظات دهشة.
كانت أغاني مثل:
-
“العيون السود”
-
“حكايتي مع الزمان”
-
“خليك هنا”
-
“أحبك فوق ما تتصور”
-
“دندنة”
-
“لولا الملامة”
-
“أشتروني”
-
“وحشتوني”
… ليست مجرد أغانٍ عاطفية، بل كانت بوحاً موسيقياً نابضاً، تتشابك فيه العاطفة مع الذكاء اللحني، وتُبرز طيفاً واسعاً من مشاعر الأنثى العربية في زمن كان لا يسمح كثيراً بهذا النوع من التعبير. كانت وردة تغني كما تتنفس، وكان بليغ يُلحّن كما يعشق، وكأن كلاً منهما وجد في الآخر مرآته الإبداعية.
الأغاني التي جمعت بينهما لم تكن تقليدية في بنائها. بليغ كان معروفاً بولعه بـ التحولات المقامية والمقامات الشرقية المعقّدة، لكنه كان يُبسّطها في إطار معاصر دون أن يُفقدها جوهرها. ووردة كانت الوحيدة – تقريباً – التي استطاعت أن تحتوي هذه الألحان المركبة، وتُجسدها كما لو كانت خُلقت لها.
المقام الموسيقي في أغاني بليغ لوردة لم يكن مجرد خلفية نغمية، بل كان منصةً للدراما، للحوار بين الكلمة والصوت، وكان كل لحن يُبنى على مشهدية داخلية، غالباً ما تبدأ بهدوء وتتسع تدريجياً، حتى تصل إلى قمة درامية موسيقية تجعل المستمع مشدوداً حتى النهاية.
ورغم طلاقهما في عام 1979، إلا أن الموسيقى بقيت أقوى من الفراق. لم تنقطع العلاقة الفنية بينهما، بل استمرت وكأن شيئاً لم يحدث. غنّت له بعد الطلاق، وسجّلت معه، وبكت ألحانه، وضحكت داخل مقاماتها. كان الحب قد انتهى على الورق، لكنّه ظل حيّاً في اللحن.
بليغ لم يكن فقط يُلحّن لوردة، بل كان يكتب لها رسائل حب مشفّرة، يحوّلها إلى أغانٍ خالدة. كل مقام كان يحمل شوقه، وكل قفلة لحنية كانت تنهيدةً مكتومة. ووردة بدورها لم تكن فقط تؤدي، بل كانت تعيش الأغنية كما لو كانت مشهداً سينمائياً، تدخل فيه بكامل حضورها الحسي والعاطفي، وتخرج منه وهي تترك في القلب علامة.
كانت وردة تقول دائمًا إن بليغ “يفهمها من دون كلام”، وإنه الوحيد الذي كان يعرف كيف يُحاكي صوتها مثل آلة موسيقية يعرف كل أوتارها. ربما لهذا السبب، حين تراجع بليغ لاحقاً عن الأضواء، كانت وردة من القلائل الذين ظلّوا أوفياء له، يُصرّون على غناء تراثه، وإحياء ما قدمه لها، كما لو كانت تقول للعالم: هذا الرجل ليس مجرد ملحن… هذا هو تاريخي الفني.
من يسمع أغنية مثل “خليك هنا” لا يستطيع إلا أن يشعر بـ الصراع العاطفي الذي يعتصر قلب امرأة لا تريد أن تفقد من تحب. ومن يستمع إلى “دندنة” يدرك كم كانت وردة قادرة على جعل اللحن يتنفس بكلمات قليلة وإحساس كثيف. أما في “أحبك فوق ما تتصور”، فالمشهد اللحني كان أكبر من الحب نفسه، وكأنها تعلن من خلاله أنها تحب بليغ كما لم يحب أحد.
اليوم، حين يُذكر اسم بليغ حمدي، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو صوته الحقيقي… صوت وردة. لم تُنجب الموسيقى العربية ثنائياً بهذا القدر من التفاهم الفني، وبهذا العمق الإنساني. لقد لحّن بليغ الحب، لكنه لم يحتفظ به لنفسه، بل أهداه لوطنٍ كامل بصوت وردة.
وردة من دون بليغ، كانت ستكون نجمة؛ لكن بليغ معها، جعل منها أسطورة.
وبليغ من دون وردة، كان سيبقى عبقرياً؛ لكن وردة بصوته، خلّدته في قلوب الملايين.
بليغ يعرف مفاتيح صوت وردة
أكثر من أي ملحن آخر، كان بليغ حمدي يعرف أين تكمن قوة وردة الجزائرية. لم يكن مجرد ملحن، بل كان مرآتها الصوتية، يُدرك بأذنه ووجدانه كيف يلتقط اهتزازات قلبها ليحوّلها إلى نغم. كان يلحن لها وكأنه يكتب يومياته العاطفية بصوتها. لم تكن وردة مطربة تتلقى اللحن فحسب، بل كانت شريكة في الخلق، تعرف كيف تُنطق الحروف الموسيقية بشغف لا يُصطنع.
أغاني مثل “العيون السود”، “خليك هنا”، “دندنة”، و”حكايتي مع الزمان” لم تكن مجرد ألحان، بل كانت حالات شعورية مركبة، مليئة بـالتحولات المقامية والانتقالات الشعورية التي تتطلب مطربة استثنائية. ومع ذلك، لم تكن وردة تتعثر. كانت تنساب بين الطبقات الصوتية كما ينساب النيل في مجراه، تمتلك قدرة خارقة على التجاوب اللحني والتلوين الصوتي، تُصعّد وتُهدّئ، تُناجي وتصرخ، دون أن تُفقد المستمع لحظة واحدة من التماهي.
في كل مرة تغني وردة لحناً من بليغ، كانت تُثبت أن العلاقة بين الصوت واللحن يمكن أن تكون أعمق من الزواج، وأكثر خلوداً من الحب العابر. لقد خلقا معاً أسطورة فنية عربية لا تُنسى.
وردة أيقونة الطرب العربي
الصوت الذي لم يُشبه أحداً
وردة لم تكن فقط صوتاً، بل حالة فنية. كانت تتعامل مع الأغنية وكأنها مشهد تمثيلي، تعيش تفاصيله وتشحنه بالإحساس. يقول عنها الناقد طارق الشناوي:
“وردة كانت مطربة تمثّل، وليست ممثلة تغنّي. لهذا نجحت في كليهما. كان لديها وعي عميق باللحن والكلمة، وكانت تتعامل مع الأغنية وكأنها مشهد درامي”.
بداياتها من باريس… نحو المجد
وُلدت وردة في 22 يوليو 1939، وكانت انطلاقتها الأولى من باريس حيث كان والدها يدير نادياً فنياً. هناك، بدأت الغناء وهي طفلة، تؤدي أغاني أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم.
علّمها الغناء المطرب التونسي الصادق ثريا، الذي آمن بموهبتها منذ نعومة أظافرها، ومنحها رعاية فنية مبكرة. لاحقاً، في عام 1960، وصلت إلى مصر بدعوة من المنتج حلمي رفلة، لتبدأ مسيرتها السينمائية من خلال فيلم “ألمظ وعبده الحامولي”.
هذا الفيلم، الذي جمع بين الغناء والدراما، لم يكن مجرد انطلاقة، بل كان إعلان ولادة نجمة عربية جديدة، ستظل لعقود تحرك أوتار القلوب.
وردة الممثلة… إبداع بلا حدود
لم تكتفِ وردة بالغناء فقط، بل دخلت عالم السينما من أوسع أبوابه. شاركت في أعمال مثل:
- “ألمظ وعبده الحامولي”
- “حكايتي مع الزمان”
- “آه يا ليل يا زمن”
كما لعبت بطولة مسلسلات مثل “أوراق الورد”. مخرجون كثر آمنوا بموهبتها، لكن يبقى بليغ حمدي، رغم انتهاء العلاقة الزوجية، الأكثر فهماً لمفاتيح صوتها ومناطق قوته.
صوت الوطن والحب
لم تكن وردة الجزائرية صوتًا للغرام فقط، بل كانت أيضًا صوت الوطن حين يتألم، وحين يحتفل، وحين يأمل. امتلكت القدرة النادرة على أن تُعبّر عن الحب كما تُعبّر عن الانتماء، وأن تجعل من الأغنية الوطنية مرآة لوجدان الناس، لا نشيدًا مفرغًا من الروح.
غنّت للوطن كما غنّت للحب، بنفس الصدق، وبنفس الحضور الطاغي. أغانٍ مثل:
“والله يا مصر زمان”،
“حلوة بلادي السمرا”،
“احضنوا الأيام”،
وحتى أغنية الأطفال البديعة “أنا عندي بغبغان”…
كلها ليست فقط أعمالاً فنية، بل شواهد على فنانة تمكّنت من تجسيد الإنسان العربي بكل حالاته: في فرحه، في وجعه، في مقاومته، وفي براءته.
في صوتها، كانت هناك دوماً مساحة لمصر والجزائر وكل أوطان العرب، تمامًا كما كانت هناك مساحة للعشاق والمجروحين. لم تفصل وردة يومًا بين حبها للرجل وحبها للأرض؛ كلاهما كانا ينبعان من المكان نفسه: القلب.
حتى حين غنّت للأطفال، كانت تفعل ذلك بحنان الأم التي تربّي باللحن، لا بالموعظة. كانت تؤمن أن الفن لا يعرف الفئة العمرية، بل يعرف المعنى، وكان لديها دائمًا ما تقوله لكل الأعمار.
وردة لم تكن مطربة تُغنّي لجمهورها، بل فنانة تُخاطب أمتها، تفهم نبضها، وتنقله بصوتٍ لا يعرف الزيف. ولهذا السبب، لم تكن أغنياتها الوطنية لحظة عابرة، بل بقيت، تمامًا كأغنياتها العاطفية، خالدة في ذاكرة الناس والزمان.
محطات فنية وسياسية متشابكة:
وردة… حين يغني الصوت في حضرة الوطن
وردة الجزائرية لم تكن فنانة تقف على الهامش
بل كانت في قلب المشهد، بكل ما فيه من تقلبات سياسية ورياح التغيير. صوتها لم يكن محايدًا، بل كان صدى لمراحل، وشاهدًا على منعطفات شكلت مسيرتها الفنية والإنسانية.
في الستينات، كانت وردة في أوج صعودها، تحقّق نجاحًا تلو الآخر، لكن فجأة، وجدت نفسها خارج مصر، بعد قرار بمنعها من دخول البلاد. القرار لم يكن فنيًا، بل سياسيًا بامتياز، بعد انتشار شائعات عن صلة عاطفية مزعومة جمعتها بالمشير عبد الحكيم عامر. رغم غياب أي دليل قاطع، تحوّل صوت وردة إلى هدف، وكأن الغناء أصبح خطرًا على التوازنات السياسية الهشة في تلك المرحلة. فُرض عليها النفي القسري، لا لذنب ارتكبته، بل لأن وجودها أصبح محرجًا في ميزان الحُكم، ولأن الفن ـ كما السياسة ـ لا يُغفر له أحيانًا أن يكون نقيًا.
لكن وردة، كعادتها، لم تستسلم. حين يغلق باب، يفتح الوطن نافذته. جاءتها دعوة من الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين للغناء في عيد استقلال الجزائر العاشر عام 1972، فلبّت النداء. لم تكن مجرد حفلة وطنية، بل كانت ولادة جديدة لصوتٍ رفض أن يُسكَت. وقفت وردة على المسرح، وصدحت بصوتها أمام شعبها، وأمام التاريخ، لتقول إن الفن لا يُنفى، والهوية لا تُحجَب. لقد كان ذلك المشهد تجسيدًا حقيقيًا للفن حين يُصبح موقفًا، والغناء حين يتحوّل إلى أداة مقاومة للخذلان.
بعد هذا الظهور الاستثنائي، لم يكن بالإمكان تجاهلها. عادت إلى مصر، ولكن هذه المرة من بوابة أوسع. الرئيس أنور السادات نفسه وافق على عودتها، وكأن السياسة التي أقصتها أصبحت اليوم بحاجة لصوتها. عادت وردة، لكن شيئًا ما في داخلها تغيّر. أصبحت أكثر وعيًا بدور الفنان في زمن لا يفصل بين الميكروفون والمنبر، ولا بين الكلمة والقرار.
وخلال هذه العودة، لم تتنازل عن ذائقتها، ولم تُهادن السائد. عادت لتغني للحب، ولكن أيضًا للوطن والكرامة والانتماء. أصبحت أغنياتها في بعض الأحيان رسائل غير مباشرة، تعبر عن مشاعر شعب بأكمله، وليس فقط عن قلب امرأة عاشقة. أغنية مثل “حرّمت أحبك” كانت في ظاهرها قصة عاطفية، لكنها كانت أيضًا، كما قال بعض النقاد، صرخة كرامة من فنانة رفضت أن تُذل.
ثم جاءت فترة اعتزال قصيرة، بعد زواجها من المسؤول الجزائري جمال قصيري، وابتعدت عن الساحة الفنية لفترة. لكن حين ناداها وطنها مجددًا، لم تتردّد. طلب منها بومدين أن تغني في مناسبة وطنية أخرى، فعادت، وفي عودتها تلك لم يكن مجرد التزام مهني، بل كان وفاءً للوطن، وعشقًا للفن.
وردة لم تكن يومًا فنانة عابرة، بل كانت امرأة تعيش السياسة حتى وهي تغني للحب. كانت تعلم أن الفن قد يُستغل أو يُقصى، لكنها اختارت دائمًا أن تكون صوته الحر. صوّرت بصوتها ما عجزت السياسة عن قوله، وغنّت للمحبة في زمن الانقسام، وكانت، في كل مرة، تعود أقوى، لأنها لم تكن تغني فقط… بل كانت تحيا بكل ما فيها.
وردة الغياب الذي لا يُنسى
وردة… حين يغيب الجسد ويبقى الصوت
وردة التي أنعشت القلوب بأغنياتها، وأسكنت الشجن في الذاكرة العربية، رحلت كما يرحل الكبار: بهدوء، دون صخب، في لحظة لم يكن فيها جمهورها مستعدًا للفقد. سقطت على الرخام في بيتها بالقاهرة، بعد تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب، لكن جسدها المتعب لم يحتمل. في 17 مايو 2012، أغمضت عينيها للمرة الأخيرة، وصمت صوت طالما صاحَبَنا في الأفراح والخذلان، في اللقاءات والوداع، وفي لحظات الانكسار العاطفي والانتصار الوجداني.
لكن رحيلها الجسدي لم يكن نهاية، بل بداية لأسطورة. صوتها لم يختفِ، بل أصبح أكثر حضورًا في الغياب. تُعاد أغنياتها، تُستشهد كلماتها في اللحظات الفارقة، وتُتلى نبرتها في ذكريات العاشقين. لقد أصبحت وردة حالة وجدانية جماعية، تنتمي لكل من عرف الحب وخبر الفقد، لكل من آمن بأن الغناء يمكن أن يكون طريقًا للخلاص، وأن النغمة قد تواسي أمة بأكملها.
وردة لم تكن فنانة فقط، بل ضميرًا فنيًا حيًا لقضية المرأة، وصوتًا للكرامة في زمن المساومة، ونبضًا وطنيًا عبر الحدود، حملت همّ الشعوب في ألحانها، دون شعارات، ودون زيف. كانت تُغني للحب، لكن حبها لم يكن فرديًا، بل شاملاً، عابرًا للقلوب، متغلغلاً في وجدان الشعوب.
ولأنها لم تكن فقط وردة الجزائرية، بل كانت بحق وردة الأمة العربية، فإن الزمن، رغم ما يفرضه من نسيان، لم يستطع أن يتجاوزها. صوتها لا يزال يغني، وإن أسكته القدر. هي غابت، لكن نغماتها باقية، تثبت في كل مرة أن الفنان الحقيقي لا يموت، بل يتحول إلى ذاكرة جماعية لا تمحى.
تم تحرير هذا المقال وصياغته بإبداع من فريق جورنال العرب 2025، حيث تم تزويده بأحدث المعلومات وأعمق التحليلات لتقديم محتوى استثنائي لا مثيل له.
0 Comments